18/5/2025
الضرائب في دولة الإمارات العربية المتحدة، الملاذات الضريبية وتأثيراتها على رواد الأعمال الإسرائيليين
نظام الضرائب في الإمارات العربية المتحدة
هيكل النظام الضريبي: اشتهرت دولة الإمارات العربية المتحدة (فيما يلي: الإمارات) تاريخيًا كدولة ذات نظام ضريبي منخفض جدًا. ومع ذلك، شهدت السنوات الأخيرة إصلاحات مهمة. ففي عام 2022، تم سن القانون الاتحادي رقم 47 بشأن ضرائب الشركات والأعمال، الذي أطلق لأول مرة ضريبة اتحادية على الشركات اعتبارًا من السنة المالية 2023. فيما يلي النقاط الرئيسية للنظام الضريبي الحالي في الإمارات:
- ضريبة الدخل على الشركات: اعتبارًا من السنة المالية التي تبدأ في يونيو 2023، تُفرض ضريبة اتحادية بنسبة 9% على الأرباح السنوية التي تتجاوز 375,000 درهم (حوالي 102,000 دولار). وتُعفى الأرباح التي تقل عن هذا الحد من الضريبة (0%)، وبالتالي تستفيد الشركات الصغيرة والمتوسطة من هذه الميزة الضريبية. ويُعتبر معدل 9% منخفضًا عالميًا، ويطبق على الشركات المحلية وكذلك على الشركات الأجنبية التي تحقق دخلًا داخل الدولة. من الاستثناءات البارزة: قطاع النفط والغاز (الخاضع تاريخيًا لمعدل ضريبي مرتفع يصل إلى 55%)، وفروع البنوك الأجنبية (حوالي 20% – وفقًا للقوانين القديمة السارية في الإمارات). يُقرب القانون الجديد الإمارات من المعايير الضريبية الدولية، بما في ذلك التزام التقارير وتقديم الإقرارات السنوية للسلطات.
- ضريبة الدخل على الأفراد: لا توجد ضريبة دخل اتحادية على الأفراد في الإمارات – حيث يُعفى الأفراد (بما في ذلك الأجانب المقيمين) من الضريبة على دخلهم الشخصي. ولا توجد أيضًا ضرائب على الأرباح أو توزيعات الأرباح أو الدخل السلبي على المستوى الشخصي. وهذا يعني أن الشخص الذي يعمل في الإمارات أو يحقق دخلًا فيها لا يدفع ضرائب محلية على راتبه أو أرباحه الشخصية. وتجدر الإشارة إلى أن الإمارات لم تفكر بعد في فرض ضريبة تصاعدية على الأفراد، مما يجعل السياسة الحالية جاذبة لرأس المال البشري بسبب الإعفاء الكامل من ضريبة الدخل الشخصي.
- ضريبة القيمة المضافة (VAT): منذ عام 2018، تطبق الإمارات ضريبة قيمة مضافة اتحادية بنسبة 5%. وتُفرض هذه الضريبة على معظم السلع والخدمات، كما هو الحال في باقي دول مجلس التعاون الخليجي، مع استثناءات بنسبة 0% على الصادرات وبعض القطاعات (مثل التعليم والصحة في حالات محددة). وتُعتبر هذه النسبة منخفضة نسبيًا مقارنة مع إسرائيل، وتشكل جزءًا من سياسة التسهيلات الضريبية.
- ضرائب غير مباشرة إضافية: لا توجد ضريبة اتحادية على أرباح رأس المال أو الميراث في الإمارات. لكن توجد ضرائب انتقائية (Excise) على منتجات معينة مثل التبغ، المشروبات المحلاة والكحول، إضافة إلى رسوم جمركية معتدلة ضمن الاتحاد الجمركي لدول مجلس التعاون. على المستوى المحلي، قد تفرض بعض الإمارات رسومًا مخصصة (انظر أدناه للمقارنة الإقليمية).
تأثير النظام الضريبي على الأجانب: تعتمد الإمارات سياسة “صديقة للمستثمر”، حيث يسري النظام الضريبي الميسر بالتساوي على المواطنين والمقيمين الأجانب. لا يوجد تمييز بين المواطنين والأجانب من حيث الالتزامات الضريبية: فالشركات الأجنبية التي تعمل في الإمارات (من خلال منشأة دائمة أو تسجيل محلي) تُفرض عليها ضريبة اتحادية بنسبة 9% على أرباحها المحلية. أما الأفراد الأجانب المقيمون والعاملون في الإمارات، فيستفيدون من إعفاء كامل من ضريبة الدخل على رواتبهم وأرباحهم الشخصية، تمامًا كالمواطنين المحليين. هذا الوضع يعد عنصر جذب رئيسي للمستثمرين، ورواد الأعمال، والعاملين الأجانب، إذ أن العبء الضريبي الشخصي في الإمارات معدوم تقريبًا. ومع ذلك، يجب على الأجانب مراعاة التزاماتهم الضريبية في دولهم الأصلية؛ فعلى سبيل المثال، يجب على الإسرائيليين الذين ينتقلون للإقامة في الإمارات التأكد من قطع إقامتهم الضريبية في إسرائيل، وإلا فسوف يظلون ملزمين بدفع الضرائب الإسرائيلية على دخولهم حتى أثناء إقامتهم في دبي.
الملاذات الضريبية في دولة الإمارات العربية المتحدة
الخلفية التاريخية: كانت الإمارات تُعتبر تاريخيًا “جنة ضريبية” كلاسيكية – دولة بدون ضريبة دخل أو ضريبة شركات، ما جعلها ملاذًا ضريبيًا للشركات والأفراد من جميع أنحاء العالم. قام كثيرون بتسجيل شركاتهم في الإمارات للاستفادة من الإعفاءات الضريبية وانعدام الالتزام بالإفصاح للدول الأخرى. وقد ساهمت السرية المالية، وضعف الرقابة (في الماضي) على تدفقات رأس المال، والنظام التنظيمي المتساهل، في ترسيخ مكانة دبي وغيرها من الإمارات كوجهات ضريبية جذابة.
تغير الاتجاه في الإصلاحات الأخيرة: مع فرض الضريبة الاتحادية على الشركات، توقفت الإمارات فعليًا عن كونها “ملاذًا ضريبيًا مطلقًا” كما كانت سابقًا. فقد فرض القانون الجديد معايير الشفافية، والالتزام بالتقارير، ودفع الضرائب على الأنشطة التجارية داخل الدولة، على غرار الدول الغربية. ومع ذلك، لا تزال الإمارات تعتبر دولة ذات ضرائب منخفضة للغاية: لا توجد ضريبة على الأفراد، ومعدل الضريبة على الشركات (9%) أقل بكثير من المتوسط العالمي. علاوة على ذلك، تمنح الحكومة إعفاءات واسعة (مثل المناطق الحرة، انظر أدناه)، ما يعني أنه في كثير من الحالات لا تزال هناك إمكانية للاستفادة من بيئة شبه خالية من الضرائب. على سبيل المثال، يمكن لشركة دولية تتأسس في منطقة حرة وتستوفي معايير “الكيان المؤهل في المنطقة الحرة” أن تواصل التمتع بنسبة 0% على ضريبة الشركات.
الملاذات الضريبية البارزة داخل الدولة: أنشأت الإمارات عدة أطر تتيح تأسيس شركات أوفشور (Offshore) أو العمل ضمن مناطق حرة (Free Zones) تعمل كملاذات ضريبية. على سبيل المثال، توفر منطقة رأس الخيمة الدولية RAK ICC إمكانية تسجيل شركات دولية معفاة من الضرائب المحلية. كما توجد ست مناطق حرة رئيسية (وفي الواقع عشرات المناطق الحرة الأخرى في جميع أنحاء الإمارات) لم تُفرض فيها ضرائب لسنوات. وقد أسست العديد من الشركات متعددة الجنسيات مراكزها التشغيلية في تلك المناطق للاستفادة من هذه الإعفاءات. ومع ذلك، وبعد الإصلاحات، يشترط القانون اعتبار الكيان “منطقة حرة مؤهلة” للحصول على الإعفاء الضريبي من خلال استيفاء متطلبات جوهرية (Substance) تحددها وتفسرها وزارة المالية، والتي تضمن وجود نشاط اقتصادي فعلي في تلك الشركات. وتهدف هذه المتطلبات لمنع إساءة استخدام النظام المعفي، ضمن التوجه العالمي لمحاربة التخطيط الضريبي الضار. ومع ذلك، لا تزال هناك مساحة كبيرة لمزاولة أنشطة معفاة من الضرائب داخل الدولة.
الخلاصة: عمليًا، لم تعد الإمارات “ملاذًا ضريبيًا أسودًا” بمعنى التهرب غير الخاضع للرقابة، لكنها تبقى من أكثر الدول جاذبية ضريبيًا في العالم. بالنسبة لرواد الأعمال، المستثمرين، والشركات – فإن مزيج الضريبة المنخفضة، الإعفاءات في المناطق الحرة، غياب الضرائب الشخصية، والاستقرار التنظيمي – يجعل من دبي وأبو ظبي وجهات مفضلة للتخطيط الضريبي المشروع.
مع خالص التحية،
المحامي إيلي دورون